التخطي إلى المحتوى
هل اللغة العربيّة مجرد أداة للتواصل أو لغة حية متفاعلة؟
اللغة والانترت

اللّغة  ليست مجرّدَ آداة ٍ، وحصرُها بهذا الوصف يبعِدُها عن دلالتها الفكريّة والاجتماعيّة والإنسانيّة. وهي مضمون الوعي السّياسي عند الإنسان . فلا وجود لها خارج الفكر ولا وجود للفكر خارجها . فبقدر ما يتحقّق التّطور الإنسانّي، على اللّغة أن تكون رديفاً لهذا التطور بل فاعلاً مكوناً و مؤثراً  نتواصل بها نحياها  ونُحييها . من أهم عوامل تطورها ما تحكم به الحاجات الاجتماعيّة والسياسيّة، مما يجعلنا نتحدث عن هذه الدلالات كلّها. تلك الدلالات يقصدها المتكلم ويفهمها السامع من خلال الحدث الكلامي تبعاً للسياق المقصود.  إنّ المقاربة اللّغويّة تفرضُ التواصل. ولا قطيع في المسائل اللسانيّة لأنّ التطور أمرٌ حتميّ  وأساسيّ .

هذا التواصل والتقارب يفرض مستويات عدّة . نذكرُ منها : التطور الذاتي كالاشتقاق والتوليد والخلق وهو تطور داخليّ ثّم تطورٌ يأخذ بعين الاعتبار العوامل الخارجيّة التي تفرضها سرعة التسلّط الجغرافي والفكريّ والثقافي .

النص

 

1-  تأثير ثورة الاتصالات على اللغة

لم تعرف اللّغة العربيّةُ تطوراً مميزاً وسريعاً كما تعرفه  اليوم . وذلِكَ مردّه للثّورة في وسائل الإتصال التي فرضت هيمنتها على اللّغة  بشكل متوازن. ومن هنا نفهم مرحلة الضعف والتّراجع التي تجتازها لغتنا اليوم.

إِزاء هذا الوضع تّم إصدار العديد من المؤلفات والكثير من المقترحات لإعادة تأهيل اللّغة وفق المعطيات الجديدة. إن وسائل الإعلام قد أخضعت الجودة لمعيار الحاجة فضلاً عن أن عوامل أساسيّة سوسيوإقتصاديّة ساهمت في إنحطاط اللّغة مع ركون البعض إلى استسهال تلقيح النّص باللّهجات المحليّة . فلم ينفع معها المقرارت والندوات التي ذهبت بمهب الرّيح.

هذا التّرهل اللّغويّ سهلَ انتشار اللّغة الثالثة وهي بين الفصحى والدارجة هي الوسطيّة التي تختلف عن الفصحى بأسلوبيّتها وعن الدارجة بمستوى التعابير التي تمّيزها. وبدأت تحتّل هذه اللغة مكان الفصحى. فقد كسحت لغة الفكر والصحافة. وحصرت دور الفصحى في زوايا ضيّقة وحالات إستثنائيّة .

وإنّنا لا نبالغ إذا نبّهنا إلى خطر هذه الثالثة وبات علينا أن نُفكّر في بدائل ممكنة تعتمد الاعتداليّة والتوازنيّة ليس بين الفصحى والدارجة بل بين الفصحى ولغة الميديا . كما بات علينا ألاَّ نفاضل الواحدة على الأخرى مع حرصنا على طابع الأصالة .

على وسائل الإعلام أن تعيد قراءة خطابها وتتنّبه لي دورها في التوعية والتّرفيه الثقافي معتمدةً الفصحى المبسطة بغية تأسيس علاقة وازنة جديدة بين المستورد الغربيّ  والأصالة العربية ، بحيث يكون الواحد بخدمة الآخر.

2- الشروط الواجب التنّبه لها لجعل اللّغة متطورة

من الشروط الواجب التنّبه لها لجعل اللّغة متطورة نشير إلى ثلاثة :

 أ- الاستجابة إلى القواعد اللّغويّة والبنيّويّة التي تضمن لها أصالتها و مُرونتها وتكيّفها .

ب- البحث عن مصطلحات تتقبل التحديثّ.

ج- خلق مسافةٍ حقيقيّة بين لغة الأدب والإبداع أو بين لغة الإبداع والفكر ولغة الإعلام .

إنّ اللّغة العربية المعاصرة تحمل في بذورها إمكانات التطور الحقيقي، فهي تسعى  أن تكون لغة الحاضر والمستقبل  ولغة وسائل الإتصال والفكر والإدارة الديبلوماسيّة والثقافة من دون أن تتنكر لماضيها  خصوصيّتها. والعصرنة اللغوية  تعني القدرة على الانصهار والطوعيّة وقبول الاجتهادات في علوم الصوتيّة وعلوم اللّسانيات.

3- دور المؤسسات الأكاديميّة في تطوير اللغة العربية

وعلى المؤساسات الأكاديميّة مسايرة التحولات الّلغوية  ذلك عبر آليّة تستطيع التطوير.

هذه الآلية توجب أن تتركز على :

  •  تقعيد المصطلحات المستجّدة المعاصرة الوافدة وإدارجها في كتب التدريس.
  •  تحفيذ الجماعات كي يولِها كلّ عنايةٍ على غرار ما يُعمل به في الغرب .

4- بعض التوصيات لجعل لغة الميديا  لغة سليمة خالية من الأخطاء 

إن اللّغة الثالثة أو لغة الميديا  تشكل في زمن الإنترنت محور التحولات في ميدان الإعلام ولا يمكن لهذا الإعلام أن يعيشَ خارج هذا المناخ. وكيفما وصفنا هذه الحال بكره  أو إعجاب فهذه اللّغة تقدم لنا العديد من الأمور الإيجابيّة لأنّ الوسائل الإنترنت كلُّها وسائل تخزين أساسُها التعاون مع أي لغةٍ آتية في المستقبل من أجل استثمار ذلك كلّه نقترح التوصيات التالية :

– الإعتناء بالترجمة والتعريب إعتناءً دقيقاً مدروساً لأنّه الباب الأساسيّ للعبور .

– تأسيس بنك معطيات لسانيّة لتخزين المصطلحات ودراستها لاستثمارها  فيما بعد .

– تغيير النظام التعليّمي بغية  خلعُ الجموديّة وتحديث آليّات رصد الخطاب وتبسيطه من خلال تطور القاعدة النّحويّة .

– نشر التراث العربي إلكترونيّا وترقيمه يصيب اللّغويات لتحفيذ القارئ على تقويم بعض الأساليب والتعابير اللّغويّة التي أصابتها الأخطاء الشائعة مع دراسة بعض المقترحات المنشورة من قبل رّواد اللّغة وتبنّي ما يناسب.

في الأخير نستطيع القول لا تكمن أزمة اللّغة في وفرة المفردات الغريبة ولكن في تقاعص أهل العلم والثقافة واستسلامهم لهيمنة الوافدات اللّغويّة. لذلك لا بد من وضع مقاربة ناجحة بين لغة الفصحى ولغة الميديا بأسلوبٍ جديّ ومسؤوليّة رصينة .

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *