التخطي إلى المحتوى
تعدد الزوجات في المجتمعات العربية

“الرجل فراشة حرة طليقة، يتنقل بين الزهور المختلفة كيفما يشاء”  تلك العبارات وغيرها، تزيف الواقع إلى حدٍ كبير. فالرجل العربي وإن بدا حرًا طليقًا، إلا أن هناك من القيود ما يكفي لتغلغله في زواج واحد إلى الأبد. والنساء في المجتمعات العربية ليست زهورًا تتفتح منتظرةً من الرجل استنشاقة، لتمده بالرحيق.

فالنساء إن كن أزهارًا. فتلك الأزهار تجرح بأشواكها تارة، وتهديك عبيرها تارة. وتنتظر منك الضوء والماء والاهتمام. تنتظر منك الحياة. ولكلٍ طريقته في الحياة والتفكير.

تعدد الزوجات ما بين الحُلم والواقع :

يؤيد الغالبية العظمى من الرجال تعدد الزوجات، بغض النظر عن حالتهم الإجتماعية والمادية والنفسية . مجالس الرجال لا تخلو عادةً من التمني، و التباهي بتلك الأمور. ومجالس النساء لا تخلو من مناقشات بائسة حول الغدر والخيانة، وهوان العيش والملح.

والرجال تندفع عادةً نحو الزواج الثاني، والكل يظن أنه سيغترف من العسل. فلا يخبر الأولى بما ينوي على القيام به؛ لأنها أغلب الظن سترفض وتغضب وتثور، وقد تقطعه إربًا إن تطلب الأمر. لذلك تُوضع الزوجة أمام الأمر الواقع، على أمل أن تستسلم لقدرها في نهاية الأمر. ولكن قبل الإقدام على هذا الأمر الجلل عليك التروي قليلًا والتفكير بحكمة في ظروفك وحياتك الشخصية بكل ما فيها من عيوب ومميزات. ورغم أهمية النقاط الثلاث التي أوشك على بيانها، إلا أن هناك حالات كثيرة  تتوافر لها مقومات القوة كلها، وتخفق، لأن الزوجة الأولى ترفض الوضع الجديد، وتؤثر راحتها النفسية، على راحة الأسرة. فأي النساء زوجتك ؟ استشر قلبك في الأمر أولًا. والآن إليك الركائز الثلاث لتحيا في مجتمعاتنا العربية، وفي يدك زوجتين أو أكثر.

المركز المالي :

إن كنت رجل ثري، وهذا ما أتمناه لك، عليك بالقيام بعملٍ ما يضاعف دخلك الشهري. فمن ينفق على بيتين، ليس كمن ينفق على بيتٍ واحد. وإن لم تستطع فعليك بتجربة إنفاق نصف دخلك الشهري على بيتك الواحد أولًا عدة أشهر. إن صار الأمر على ما يرام. فلا بأس إذًا بمركزك المالي. وإن تضررت عائلتك من ذلك، وعلّت الأصوات تناديك بفك الكيس. فعليك إذن التريث؛ لأن تلك الأصوات إن أقدمت على الزواج من أخرى، ستلعن الأخرى التي حرموا بسببها من أموالك. وستصاب إثر ذلك بنوبات صداع نصفي، لعلك في غنًى عنها.
وإن كنت فقير بائس، بالكاد توفي احتياجات البيت الأساسية. لا تفكر بالزواج من أخرى لأن ذلك من شأنه إنهاكك جسديًا ونفسيًا، وقد تضطر إلى العمل في أكثر من وظيفة، ولن تجد الوقت لتهنأ وتسعد بالزوجة الجديدة، ولن ترضى عنك الأولى بطبيعة الحال وتقبل فقرك بعد أن تزوجت بأخرى، وسترثى العروس الجديد حالها المزري لما آلت إليه بعد الزواج منك.

القدرة النفسية :

قد تستهين بالأمر، وتظن أنك قادر عليه، والحقيقة أن الواقع أكثر بشاعة مما تصوره أفلام السينما والمسلسلات التليفزيونية. فصورة هارون الرشيد الذي يرتع، ويمرح بين نسائه، في خيالاتك فقط. الواقع يا عزيزي هارون فيه شهيد لا رشيد. هارون يبذل جهدًا مضاعفًا ليتحمل غيرة زوجاته وشكوكهن. يقضي الساعات يبرهن على صدق مشاعره، وحبه لكل زوجة. ولا أحد يصدق المسكين. هارون يحسده الناس، وعليه أن يبتسم دومًا، ويزهو بنفسه وبشجاعته كي لا يصبح عرضة للسخرية.
هارون يحيا في صراعات ومشاكل قد لا تنتهي أبدًا، وقد تمتد لأولاده فيكون زواجه الثاني سببًا مباشرًا في تدمير صحتهم النفسية.

المركز الإجتماعي:

هناك شريحة من المجتمعات العربية، تتعامل مع الزواج الثاني، بسرية تامة. كل شيء يحدث ولكن لا أحد يعلم، كي لا تهتز الصورة الإجتماعية المبهرة للأسرة السعيدة، وكي لا ينزعج الأولاد. مثل تلك الأسر، يحيا ربُّها في توترٍ وقلق دائم. وقد ينكشف الأمر في أي وقت، فيخسر رضاء زوجته وأولاده، ويحظى بلعنات المجتمع الذي ينتمي إليه.

لعلك تظن أنك لن تقدر على الزواج من أخرى، بعدما اتضح لك جزء بسيط من الواقع، بيد أنه قد أثبتت التجارب الحياتية الحديثة، أن الزواج من أخرى والإبقاء على الزوجة الأولى، وسعادة الأسرتين ليس أمرًا مستحيلًا.
فإن كانت زوجتك الأولى ذات دين وخلق، ولديها من السماحة ما يكفي لتبارك زواجك الثاني، وتزغرد متمنية لك السعادة. لأنها تسعد لسعادتك، وتحزن لحزنك. وكنت سعيد الحظ بأبناء متفهمين، وزوجة ثانية طيبة، محبة لك ولأولادك ولضرتها كذلك، وإن اجتمع هؤلاء جميعًا مع مالٍ وفير تنفقه على الجميع ولا ينفد. فإنك من أولئك القلائل المحظوظين بسعادة الدنيا. أما عن الآخرة فالعدل أساسها، فإما نراك يوم القيامة سعيد معتدل كما كنت في الدنيا، أو نراك مائل حزين، وهذا أمر آخر.

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *