التخطي إلى المحتوى
القرآنُ لم يأتِ بجديد

القرآنُ لمْ يأتِ بجديد

كتب/ أحمد الخطيب

جاء القرآنُ الكريم ليجدد للناس حقًا قد وسَّدُوهُ في الترابِ ليحيو سننًا أرادوها بأهوائهم، فالقرآنُ إنما لأناسٍ حرفوا الدين هو خصم يبطل مزاعمهم، ويهدّم بنيان تخاريفهم، ويثبت بطلان خرافاتهم.

 

فإن الناظر فيما جاء في المسيحية بِعَهْدَيْهَا يرى فيها مزاعمَ لم ترد في القرآن، ويرى انعدامًا لمعلوماتٍ وردت بأكملها في القرآن، مما يدل على تجديد القرآن لمعلوماتٍ تناثرت في الهواء بأيدٍ عابثة في الإنجيل، تريد موافقة أهواء البشرية المغلوطة، ظنًا أن العقول المبصرة إنما تنساق كما تنساق القلوبُ سحبًا من عواطفها.

 

فعلى سبيل المثال ، وبه يتضح المقال، ويخمد تعالِي كل متكبر مختال، أن القرآن إنما ذَكر قصصًا لم يكن يعرفْها أهلُ الكتاب؛ كقصة مريم عليها السلام، وهي القصة التي عليها بُنيت المسيحية، فلم يعرف أهل الكتاب قصة مريم وكفالة زكريا عليه السلام لها، ومن قبلُ لم يتعرف أهل الكتاب على ولادتها عليها وعلى ابنها ونبينا الصلاة والسلام.

كما أنكَ لو نظرتَ من قريب، لوجدت الكتاب المقدس يذكر أن التي تبنَّت موسى عليه السلام، هي ابنة فرعون، بينما خالف القرآن بالقصة تفصيلًا، ليشير للعقول والقلوب معًا أن التي تبنَّته هي زوجة فرعون، لا ابنته.

 

وإن كان في ذلك دلالةً فإنما تنصبُّ الدلالة كمصباحٍ على الإنجيل، ليجلّيَ لنا الأيدي التي تعبث لعبًا بالإنجيل، وبعقول وقلوب النصارى لِهَوىً بشريٍّ كذاب، يعمل على ستر الحقيقة في الكتاب، وتالله قد أصاب.

 

ٱنظر إلى القران دون مُكَبّر وإن شئت تحت مجهر الحقيقة، سترى أن القرآن إنما استجد كل ما تم دسه في التراب إخفاءً بإرادات البشر، كقصة هارون لما أنكر على قومه اتخاذ العجل إلها تباعًا للسامري، على صعيد الإنجيل نرى أن اختراع العجل كان من هارون عليه السلام.

 

وإذا كان القرآن الكريم يستشف من الإنجيل نقلًا، كما يزعم أهل الكتاب وغيرهم، بعضهم أو كلهم، فلِمَ لم يتخذ القرآن نظرية التثليث قاعدة يبني عليها شرعته، لأنها الأساس، ثم يغير كيفما شاء فيما عداها؟؟؟!! وكذا الصلب والفداء.

 

ومن سذاجات ما تقرأ في تحريف الكذبة منهم، تَرى الكتابَ المقدس يشنُّ حملات تشويه ضد بعض الرسل والأنبياء، فينسب إليهم الفواحش البغيضة، وهذا لا يليق بالأنبياء، بينما القرآن يحرم المساس بالأنبياء، ويقدمهم أخلاقًا يحتذى بها، لا أقول أمثلة، بل هم الأخلاق ذاتها، وهذا ما يقر حقيقة القرآن كلامًا من عند الله؛ لأن الله ينصف دائما لا يتجاوز، فهو محال في حقه سبحانه، على خلاف طبائع البشر الحاقدة التي تنكر الحق أينما كانت.

وأَمْطِ اللثَامَ عن القرآن مُنفضًا عنه العوالق التي علقت به، نتيجة إثارة الزوبعة التي أثارها المتربصون بالإسلام، لترى تلك العبادات التي شرعها الإسلام من صلاة وزكاة وصيام وحج بتفاصيلها الرائعة، فتعلم أنها عبادات بأداء لم يسبق له في الديانات الأخرى نظير ولا مثيل.

ونرفع الأعين ناطقين ومجابهين قول أن دينًا أتى بمثلها، أين هو ذلك الدين؟، فاطرحوه على مائدة الحوار لنناقشه، بل لنبطله بمعايير وموازين الحق.

وأضيف آخرًا: أن القرآن لفظه يكفيه إثباتًا أنه كلام الله، إذ أعجزت الفصحاءَ معارضتُه، وأعيت الألبَّاءَ مناقضتُه، وأخرست البلغاءَ مشاكلتُه، فلا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا.

فالقران كان ولا يزال دستور الصلاح والنور، نور لكل حزين وفرحة لكل مسرور، شرعة الله في كونه أنزله على قلب النور، لينير به الصدور، سماء المسلين حماية من كل الشرور، قلب حانٍ يقبل الكافرين به إذا عادوا في رحاب رب غفور، أُنس من كل وحشة، نور بعد تمكن الظلمة، سعادةٌ بعد همٍّ يثبت الفرحة، رُوح إيمانٍ بعد كربة وموتة، نجاة من كل شهوة، ومن ذاق عرف، ومن عرف اغترف، ومن حُرم انحرف.

فنحمد الله أن منّ علينا بالإيمان، وأتم نعمته بالقرآن،
ذلكم الدستور الذي يحيا به الكون في الأنوار في كل زمان ومكان، الذي لو دخلتم تحت غطاءه رضتم عن جمال الوجود، ذلكم الدستور الذي سوّى بين الفقير والغني، والضعيف والقوي، والوزير والغفير، وحدد درجة قياس الأفضلية فقال جل في علاه ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ).

هو القرآن لنا روح، طب يداوي كل مجروح، زاد يستزيد منه الراكب في سفينة نوح، هادٍ يمد يداه لكل ضال، فقال أصدق من قال ( قل إن الهدى هدى الله ) ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ).

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *