التخطي إلى المحتوى
كيف ننتصر على الأحزان

تصهر الحياة الأيام وتعيد صياغتها لتقدمها لنا…لا يجمع الإنسان والأرض والهواء والماء سوى الحياة، تشركهم جميعاً فيها وتمدهم بكل ما يحفظ لهم بقائهم، وتعود لتفرق بينهم في العطايا فعلى الأرض أن تزيد من خضرتها وتبقى في حالة ثبات وتزيد من بهجة الحياة الأم، أما الهواء فاليكتم نَفَسه في حضرتها ويُنَسّم كما ترغب الأم المبجلة، وعلى الماء ألا تستعين بالغيوم لتنتحب عنها وتبقى جارية بعذوبة وانتظام لتساعد الأرض بتأمين غذاء أخيهما المسمى بالإنسان وتروي قلبه الظمآن… تزداد ضغوط الحياة عليهم يوماً إثر يوم، فتنقلب الأرض بغضب مزلزلة ما عليها ويعصف الهواء متألماً ليغدو الخراب عامراً، وتفيض المياه متأوهة لتطفئ نيران افتعلها الإنسان…ليثوروا أبناء الطبيعة ويتفقوا على أن أخيهم الإنسان لم يعد له مكان،وتوافقهم الحياة الأم وتتخلى عنه، فَ مبدأهم هو معاً كُلنا والضعيف ليس مِنَّ.

عندما يسيطر الحزن

تصبح الأفكار لدى الإنسان متشرذمة ويغلق العقل بابه راحلاً، مبقياً على التشويش الغامر داخلاً، وتاركاً القلب يصول ويجول، فيقايض الأخير غيره على كل أصناف المشاعر و من كل أشباه القلوب وما إن يعود العقل… ليرى قلباً غريباً عنه قد غُزيَّ دفعة واحدة في معركة جُهنمية جنودها اليأس و الفتور والآلم والنفور، مع حفنة من التفاؤل الحذر، وقطرة اشمئزاز نتن، مجتمعين في واحة من الرهبة الخجولة و الإستهزاء المضطرب… يملاؤها حنين نزق، نخيلها شامخ بالصمود المتزعزع، مثمر بالأمل الأجوف، تحفها صحراء من الخوف و الحذر..عنوانها العريض(هنا الحزن فمن أين لك المفر).

هل استسلمت للأحزان؟

وتبدأ معركة الإنسان الداخلية وتتمكن الأحزان من قلبه فإما يقصي بنفسه بعيداً إلى قيلولة من الحياة يخسر بعدها كل ما جناه ويؤول إلى العدم أو يتمكن من إيصال شرارة ملتهبة توقد غاز الرضى والسعادة في قلبه فتُحيِّ ما ذبل فيه وكل من جاور غُرفه ومناحيه.

حقيقةً أن ينكر أحدنا الحزن بداخله ستهرم روحه بسرعة فائقة، وإن قبل به وتعايش معه خسر ذاته.
فما من حزنٍ إلا وهزماه الصبر والمقاومة، فعوضاً على أن نربي الحزن فينا فالنربي نفسٌ مقاومة تكون درعاً منيعاً ضد هجمات الحزن المستشرسة.

نصائح مهمة للتغلب على الحزن

حتى تربي نفساً مقاومة للحزن والضغوط النفسية الآخرى تحتاج فهم سلوكك أثناء وبعد كل هزيمة أو فشل أو ضغط نفسي حارق فإما تتبناه دوماً أو تعدل عنه وتبحث عما يناسب نفسك المقاومة…

ابتعد عن الدفاعات النفسية الغير ناضجة

هناك من يلجأ إلى أن:
ينكر ما يمر به من أحزان أو ضغوط آخرى أو يلجأ إلى خلق روح ذات حس فكاهي بداخله محاولاً التنفيس عما بداخله وهناك أيضاً من يلجأ إلى الإسقاط بحيث ينسب الشخص عجزه وأفكاره السلبية لشخص آخر، وآخر يلجأ إلى الإزاحة بحيث يفصل كل مشاعره عن مغزاها الحقيقي فترى إحدى الأمهات مثلاً تصيح بإبنها موبخة له دون سبب سوى أنها اختلفت مع زوجها، وهناك من يفضل الانفصال فيقوم صاحبه بفصل الشعور المرافق لفكرة أو حتى فصل نفسه عاطفياً عن المجتمع، وآخر يستخدم التبرير لإقناع نفسه بمبررات كاذبة وغير حقيقية وغيرها العديد كالنكوص والإنسحاب والإنعزال والمقارنات الاجتماعية من أساليب الدفاعات النفسية ولكنها تصنف بالغير ناضجة كما أسلفنا، لما تفعله من تسويف المواجهة المباشرة مع الحزن أو الضغط النفسي.

تغلب على الحزن عن طريق الدفاعات النفسية الناضجة

لذلك لا بد من المرور على بعض الدفاعات النفسية الأكثر فاعلية والتي تكسب النفس نضجاً ووعياً يمكّن الفرد فينا من التحكم بذاته وإدارة الصراعات النفسية لديه بصورة جيدة ومنها:

الاحترام وإظهار التقدير للآخرين فنقصه يؤدي إلى العديد من الصراعات والأذى النفسي بين البشر، والصبر ورفع مستوى التحمل لدى الشخص للظروف الصعبة، الشجاعة وتكمن في القدرة العقلية العالية والإرادة لمواجهة الصراعات، التقبل بحيث يتقبل الإنسان واقعه ويدرك الموقف الذي يمر به دون اللجوء للإنسحاب أو الإنكار حتى لو كان الموقف غير محبب وغير قابل للتغيير، وأيضاً لا بد من الإمتنان والإحساس بالشكر والتقدير لقطاع كبير من الأشخاص والمواقف بحيث يمثل الإمتنان حالة جذب لمستويات عليا من السعادة… وغيرها الكثير كالحدس والفكاهة والتسامي والتسامح والتواضع واليقظة والإيثار وتقديم العون للآخرين والتي تعد أكثر الدفاعات النفسية نضجاً ووعياً.

تحلى بالشجاعة دوماً

أخيراً يود أحدنا لو يغمض عينيه ويعاود فتحهما ليرى أن كل شيئ قد تغير أو حتى عاد لسالف عهده ولكن تبقى مجرد أمنية طفولية واهية… لم ولن تحدث فما كان بالأمس أمسى مجرد أحداث ومواقف عابرة لن يذكرها إلا من مرّ بها فلا بأس من أن تُعاد صياغتها وجعلها دافع قوي لتفادي الصعوبات المحتمة التي ستمر مستقبلاً.

استقبل ما سيأتي بروح إنسان شجاع محنكّ، هزمته الحياة مرة فأغدق عليها بالهزائم المرصودة والموج

تابعنا على جوجل نيوز

قم بمتابعة موقعنا على جوجل نيوز للحصول على اخر الاخبار والمشاركات والتحديثات ..

متابعة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *